تدخلت أحداث أليمة كالجملة الإعتراضية ؛ ولكن محو هذا الإعتراض أكيد. لقد طرد الله الشيطان من السماء بسبب محاولته الفاشلة لتدميرها وتحويلها إلى مملكة ظلام بدلاً من ملكوت محبة ؛ ولما أتى إلى الأرض أراد أن يكرر خطته فيها فأقام نفسه عدواً لملكوت الله وزرع أتباع لمشروعه مت13: 38-39 "والزوان هو بنو الشرير. 39 والعدو الذي زرعه هو ابليس" يو14: 30 أنه "رئيس هذا العالم" يو14، ولهذا تغطت الدنيا بالسواد. هذا فصل حزين فى قصة الأرض محبوبة الآب. ولكن حزنها يتحول إلى فرح ، هذه كلمات يسوع وهو يتقدم نحو الصليب يو16: 20
يستحيل أن يرضى المسيح بسيطرة الشرير على النفوس المحبوبة والمجتمعات والشعوب ، فالمجتمعات غالية ومكانها هو قلبه وحضنه ، وهذا ما عمله المسيح وتراه فى 1يو3: 8 "لأجل هذا أظهر ابن الله لكي ينقض اعمال ابليس".
ولا ننسى أن الله هو الأقوى ؛ ولن يتنازل عن مملكة قلبه أن تعيش فى حبه وبره وفرحه ، أن قلبه متعلق بنا ؛ مملكة تسبح فى سلامه وحياته الفياضة كو1: 12-13 "شاكرين الآب 13.. الذي انقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا الى ملكوت ابن محبته".
ليأتى بملكوته فى الأرض ؛ خلق الآب أرواحنا على صورته فصرنا أبناءه وشبهه بحياته فينا وأصبحنا عائلته. وجعل لنا جسداً مادياً لنقود الأرض ووضعها المادى لتصبح مملكته ؛ كما يقول مز115: 16 "اما الارض فاعطاها لبني آدم". سلٌطَنا على الأرض ليجعلها من خلالنا إمتداداً لمملكة السماء بكل شبعها وغناها.
لأن الأرض مملكة الله فلابد أن تمتلئ من مجده ومن حضوره. خطة الآب هى أن يظهر ملكوته على الأرض فى المؤمنين لأنهم أحباءه وأبناءه والحاملين فكره وقلبه. ونحن أيضاً أعضاء جسم المسيح من لحمه وعظامه ،
لهذا من يرى المؤمنين يرى المسيح والآب؛ الذى وضع ملكوته فى داخلهم ، الروح القدس يحول هذا الواقع إلى واقع ملموس ، ويجعلنا مثل المسيح ؛ لنا فكره وقلبه ومهمته حتى يتجلى ملكوت الله. هذا الجيل يعيش فى الروح القدس بقوة حتى يأتى ملكوت الله المملوء مجداً فى أيامنا . "يا ذاكري الرب لا تسكتوا7 ولا تدعوه يسكت" أشعياء 62: 6-7
كما أننا لسنا وحدنا فالملائكة معنا باستمرار ؛ تمتلئ الأرض بمئات الملايين من ملائكته الذين يخدمون مملكته وأبناءه ؛ إنهم يفيضون بأعمال عنايته الملكية ، هم يرافقون كل واحد من بنى الملكوت وينفذوا أوامر الملك لمساعدتنا ؛ فيؤيدوا أبناءه بأعمال مملكة السماء وحمايتها وتوجيهاتها مز91: 11-12 " لانه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك في كل طرقك. 12 على الايدي يحملونك لئلا تصدم بحجر رجلك. 13 على الاسد والصل تطأ. الشبل والثعبان تدوس".
ما أعظم الغرض الذى نحن هنا لأجله. نحن هنا لنعيش بلا انقطاع وعلى الفور فى محبة الآب ؛ ونحيا فى المسيح ونعمته ؛ ويقودنا الروح القدس يومياً فى علاقتنا الحميمة بأبينا الملك ، ويلهمنا فى كل أمور المملكة ؛ أليست الأرض مملكة فرح الله ، هنا يهرب إبليس أمام روح الله فينا. نحن هنا ليحقق الله من خلالنا نهاية إبليس وهروبه يومياً من بين الناس والعائلات والمجتمعات مرغماً ، وينهزم فى أى شئ يستعبده ويضله ويفسده ؛ ونخرجه من المواقع التى هى قطاعات المجتمع والشعوب التى تُكَوٌن القرى والمدن والبلاد مت24: 14 "ويكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الامم".
مملكة الله تظهر فى الكنيسة أولاً ومنها فى الأمم التى خلقها لتكون مملكته وتتمتع بقلبه وعمل محبته ، مملكة ليست من صنع الإنسان المؤمن بل المسيح ، إنه يوكلنا عليها ويستخدمنا معه فى بدأها وفى إمتدادها. هى "ملكوت إبن محبته" لهذا هى مملكتنا لأنه جعلنا أبناءه فى المسيح؛ وقد أعطاها لنا مع إستمرار كونه صاحبها ومَلِكها لو12: 31-32 اطلبوا ملكوت الله وهذه كلها تزاد لكم 32 لا تخف ايها القطيع الصغير لان اباكمقدسرّانيعطيكمالملكوت."
المسيح فى الملكوت هو الحياة فى كل ركن فيه وهو الحق الذى يؤسس كل أعمدته وهو الطريق الذى ندخل به لكل أمجاد ملكوته. هو الذى يؤسس الملكوت من البدايات ويطوره بيننا ويأتى بنا فيه لمراحل النضوج.
الروح القدس يمتد بالملكوت وينشره ليشمل بقاع الأرض والمواقع التى تصنع كل أمة وهى: العائلة - والمؤسسات الروحية والكنيسة - ومؤسسات التعليم والعلم - والحكومات والقوانين – وسائل الإعلام والإتصال – والفنون ووسائل الترفيه – والمال والأعمال والإقتصاد أف1: 10 الروح القدس يستخدم كل كنيسته بلا إستثناء فى كل هذه المؤسسات "لتدبير ملء الازمنة ليجمع كل شيء في المسيح ما في السموات وما على الارض في ذاك". المسيح يتحرك فينا ليدخل فى كل هذه المواقع ويجففها من الخطية واصابع الشيطان ويأتى بنعمته وحقه وشخصه فيها.
المسيح يهدم مملكة الظلمة من أساساتها بالروح القدس ، هدم سلطان الظلمة وإلغاءه تممه المسيح وذلك بإبعاد الخطية بدينونتها وبرفع الظلام بتجريد إبليس وسلطته وقيوده ؛ والقضاء على الموت بموت المسيح. المسيح فتح الباب بالكامل بأن أسسس البر والنور وحضور الروح وقيادته وسطنا الآن.
الروح يُخرِج للنور كل هذا ويحققه بأن يربى بنو الملكوت الذين يعيشون بالروح ويسلكون ويتكلمون ويفكرون بالروح ؛ الذين يُفَعٌلون إيمانهم وطاعتهم وهم فى حضن الآب ؛ وبالسلطان الذى منحه المسيح لكل مؤمن ولكل وظيفة يمنحها الله لهم. فيلبى4: 13 "أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى"
عندما يتصرف بنو الملكوت بهذه الصورة فإن الآب يؤهلهم بثمار الروح ومواهبه ويجعلهم يقومون بوظائف المسيح المذكورة فى الكتاب ؛ وهى تؤهل المؤمنين ليقومون بخدمة الملكوت فى الكنيسة وفى المجتمع.
إبليس خرب الأرض وبدأ ذلك بأن خرب الإنسان وسرق منه سيادته على نفسه وعليها 1يو5: 19 "العالم كله قد وضع في الشرير". الآن نرى فى أيامنا المسيح يلغى ذلك ويسترد مئات الملايين ممن خربهم وسرقهم العدو ؛ ونقلهم الى ملكوت إبن محبته.
الآب خلقنا من البداية لكى نغلب إبليس وليهرب منا ولا يكون له أى تسلط فى الأرض. جاء المسيح وفدانا وقام من الموت ليجرد إبليس ولينقض أعماله التى فى الأرض. نحن ملح الأرض ونور العالم المسروق وليس ملح ونور للكنيسة ؛ فالمفترض أن الكنيسة مركز نور الآب. المسيح لا يكتفى بالكنيسة فهو لا يريد أقل من العالم يو3: 16 "أحب الله العالم"
الآن يقودنا المسيح فى مهمة إشعال النور وحفظ الأرض من الفساد ؛ فهو رأسنا ونحن جسده وقد قضى على تسلط الشيطان بموته على الصليب. الآن ينفذ المسيح أحكامه عليه بنا. تمم المسيح استرداد مشاركتنا لطبيعته الإلهية وإسترجع علاقتنا بالآب على مثال علاقته التى لن تنقطع بالمسيح ولن تحدها حدود كمثاله وصار سلطانه يرافقنا.
من هنا يسترد المسيح كل الغنائم التى إستولى عليها الكذاب بالخداع ونشْر ظلمته ، الغنائم هى البشر والأرض ومؤسساتها ومواردها وما يحدث عليها. نحن نتعقب وجود إبليس وجنوده وجذوره فى أرض الله لننتزعه. يعمل الله فى الأرض بحضور الروح القدس وبمحبته وحكمته ومبادئه. الله ملك الأرض ونحن شركاءه والمكلفين منه. هذا هو هدف الله منذ البداية ولم يتغير مع الوقت ؛ لقد تجسد الله وسكن بالروح فينا ليحقق ما قام بتصميمه منذ أول لحظة ، ويحقق ذلك بنفسه.
المسيح يملأ المؤمنين والعائلات ، والملكوت يفيض فى الكنيسة والأمم.